أهداف ومقاصد سورة مريم

سورة مريم

هدف السورة :
بيان كمال رحمة الله بالخلق وحاجة عباده إليه الدال على تنزهه تعالى واستغنائه عن الولد والمعين (د. الربيعة)
التصنيف : مكية
أسمائها : مريم
سبب التسمية : لورود قصة مريم فيها
آياتها : 98

 
 فهدف السورة

1-  بيان رحمة الله تعالى بالخلق 

فذكر نماذج تعرضوا لرحمة الله تعالى (الأنبياء) ونماذج لم يتعرضوا لهذه الرحمة لكفرهم 

2- حاجة عباده إليه الدالة على تنزهه عن الوالد والمعين

فزكريا عليه السلام احتاج إلى الولد ودعا به وحبب إلى الناس أولادهم فاجعل هدفك من الأولاد كهدف زكريا عليه السلام (حفظ الدين)

يقول د/ الخضيري 

• سورة مريم هي السورة الوحيدة التي سميت باسم امرأة 

وهذه السورة توحي أن بها شيء مما تتصف به النساء وهي الرحمة ولذلك تكرر ذكر الرحمة ومشتقاتها في السورة مثل: لفظ الرحمن تقريبا 16 مرة

• افتتحت بقول الله تعالى (ذكر رحمت الله عبده زكريا)  ففي هذه السورة يذكر فيها كيف تدرك رحمة الله عباده ، فمن اتصف بالعبودية حقت له رحمة الله عز وجل . د/ الخضيري
• من نماذج الرحمة (زكريا ويحيى ابنه الذي كان بارا بأبيه ، مريم عليها السلام وعيسى ، إبراهيم ورحمته ولطفه في دعوة أبيه ورحمة الله به بوهبه إسحاق ويعقوب ،وموسى عليه السلام ورحته به ببعث أخاه هارون معه فهؤلاء من أنعم الله عليهم برحمته 

•  ثم ذكر من لم يتعرض لرحمة الله وهم من كفر واضاع الصلاة فأضاع نفسه وأضاع رحمة الله (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة)

لتحميل الأهداف بصيغة pdf من هنا

الهدف الأول

1-  بيان رحمة الله تعالى بالخلق

فطر الله تعالى الخلق على حبّ الأبناء والإنشغال بهم في الدنيا والعمل على جمع المال لهم فجاءت سورة مريم لتعلمنا أن حب الأبناء امر فطر ولكن الأهم من توريث المال هو توريث الدين

 ولكنه كما في كل الرزق الذي يرزقنا به يحب أن نستعمله في طاعة الله ومرضاته والله تعالى يريد من عباده أن يجعلوا أولادهم حفظة للدين حتى تتوارثه الأجيال كما نورث أبناءنا المال من بعدنا. فحبّ الأبناء أمر فطري ولكن للذرية هدف أسمى من المتعة الفطرية بهم ألا وهو حفظ الدين للأجيال. ولذا فإن أكثر كلمتين تكررتا في السورة هما (الولد والورائة).

وراثة الدين: 

نماذج من عباد أدركتهم رحمة الله تعالى (أبناء وأولاد كانوا باريين بآئهم)
1- زكريا عليه السلام :
تبدأ هذه السورة المكية بالحديث عن وراثة الدين التي تمثلت في دعوة سيدنا زكريا (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) آية 5 و 6 إلى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) آية 12 نتيجة الدعاء.

 والسبب الذي من أجله طلب زكريا الولد هو ليرث الرسالة والكتاب، كما هي الحال في آل عمران فزوجة عمران وهبت ما في بطنها لله وزكريا يريد ابناً يرث الدين من بعده ومريم وعيسى ثم ابراهيم واسحق ويعقوب ثم اسماعيل وأولاده فكل هؤلاء آباء تورث أبناءهم هذا الدين. الأمر واضح صدق سيدنا زكريا ربه بدعائه وعلم الهدف حقاُ فاستجاب له تعالى بأن وهبه سيدنا يحيى الذي آتاه الحكم صبيا.

2- عيسى عليه السلام :
 النموذج الثاني في القصة و سيدنا عيسى (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * …* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) آية 30و 32. وجاءت كلمة البر على لسان عيسى ويحيى عليهما السلام وهذا لأن أهلهم ربّوهم ليرثوا هذا الدين فكان الأبناء بارّين بأهلهم وهذا دليل حسن الخلف لخير السلف.

3- ابراهيم عليه السلام:
 قصة ابراهيم الخليل هي نموذج عكسي لما سبق إذ أن ابراهيم هو الذي كان ينصح أباه المشرك برفق وأدب ورقة (تمررت كلمة با أبت اربع مرات) ولمّا لم يستجب له أبوه واعتزلهم وهب الله تعالى له اسحق ويعقوب ليكونوا من ورثة دينه الحنيف (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) آية 49 .
 
4- إسماعيل عليه السلام:
ثم تصل الآيات إلى سيدنا اسماعيل (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ) آية 55 وكيف كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة.

التعقيب: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) آية 58 وتذكر الآية الذرية الصالحة الذين يتوارثون الدين والرسالة جيلاً وراء جيل. (نلاحظ تكرار كلمة ذرية) ويأتي مقابل هذا الإرث من لم يطبق هذا الأمر (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) آية 59 كيف سيحلّ عليهم عذاب الله. ونرى بديع سياق الآيات القرآنية ووكأنها بناء متماسك يطلب توريث الأبناء الرسالة والمنهج الحق ويعرض عقوبة الذي يخالف هذا المنهج.

 الهدف الثاني :

2- حاجة عباده إليه الدالة على تنزهه عن الوالد والمعين

ومن سياق الآيات نلاحظ أن ثلاثة أرباع السورة تقريباً تحدثت عن حاجة البشر للولد ونماذج مختلفة بأسلوب رقيق فجاءت فواصل الآيات رقيقة عذبة لأن الولد نفسه يمثل الرقة والحنو والعطف وقد وردت كلمة الرحمن في السورة 16 مرة. أما الربع الأخير من السورة فجاءت الآيات تنفي حاجة الله تعالى للولد وهو خالق الخلق كلهم وجاء أسلوب الآيات قاسياً وفواصل الآيات شديدة لأن هذا الأمر تخر الجبال له وتكاد السموات يتفطرن وتنشق الأرض منه فالله تعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد لا إله إلا هو لا شريك له وما اتخذ صاحبة ولا ولدا سبحانه وتعالى عما يقولون ويفترون.

سميت السورة بـ (مريم) تخليداً لمعجزة خلق إنسان بلا أب ولأن الأم التي تمثلت في مريم عليها السلام هي المؤسسة والمورثة الحقيقية للأبناء وهي تمثل نموذجاً للمصاعب والمحن التي يواجهها توريث الدين للأبناء وهي سيدة نساء العالمين الطاهرة العذراء البتول. برنامج خواطر قرانية

اقرأ أيضا :
 المواضع الوحيدة في سورة مريم 
ضبط متشابهات سورة مريم